الإنفلونزا الموسمية: بين العدوى الشائعة والمضاعفات الخطيرة
مقدمة
تُعد الإنفلونزا الموسمية (Seasonal Influenza) من أكثر العدوى الفيروسية انتشارًا عالميًا. ورغم أن معظم الحالات تكون خفيفة إلى متوسطة، إلا أن المرض قد يتسبب في مضاعفات خطيرة لدى فئات معيّنة ككبار السن، الأطفال الصغار، الحوامل، وذوي الأمراض المزمنة. الوقاية بالتطعيم السنوي والتدابير الصحية العامة هي الركائز الأساسية للحد من العبء الصحي.
ما هي الإنفلونزا الموسمية؟
هي عدوى فيروسية حادة تصيب الجهاز التنفسي العلوي والسفلي، يسببها فيروس الإنفلونزا المنتمي لعائلة Orthomyxoviridae. يتميز الفيروس بقدرة عالية على التحور، ما يؤدي لظهور سلالات جديدة موسميًا ويستدعي تحديث اللقاح كل عام.
أنواع فيروسات الإنفلونزا
- النوع A: الأكثر شيوعًا وسبب الأوبئة والجائحات، ويصيب البشر والحيوانات.
- النوع B: يصيب البشر فقط، وقد يسبب موجات وبائية.
- النوع C: أعراضه غالبًا خفيفة ولا يسبب أوبئة كبيرة.
- النوع D: يصيب الحيوانات (لا يُعد سببًا لمرض لدى البشر).
طرق الانتقال وفترة العدوى
- رذاذ تنفسي: عند السعال أو العطاس أو الكلام.
- ملامسة أسطح ملوّثة ثم لمس العينين أو الأنف أو الفم.
- البيئات المغلقة والمزدحمة تزيد احتمالات الانتشار.
- تبدأ العدوى قبل ظهور الأعراض بيوم وقد تستمر حتى 5–7 أيام، وأطول لدى الأطفال أو ضعيفي المناعة.
الأعراض والعلامات
تظهر بعد حضانة من 1 إلى 4 أيام، وتشمل:
- حمّى غالبًا > 38°م مع قشعريرة.
- سعال جاف، التهاب حلق، احتقان أو سيلان أنف.
- صداع وآلام عضلية ومفصلية شديدة.
- إرهاق ووهن قد يستمران لأسابيع.
- فقدان شهية وغثيان خفيف أحيانًا.
علامات الخطر: صعوبة تنفّس، ألم صدر، تشوّش، ازرقاق شفاه، جفاف شديد—تتطلب تقييمًا عاجلًا.
المضاعفات المحتملة
- التهاب رئوي فيروسي أو بكتيري ثانوي.
- التهاب الجيوب أو الأذن الوسطى.
- تفاقم الأمراض المزمنة كالربو ومرض القلب والسكري.
- فشل تنفسي يستدعي دخول المستشفى، ونادرًا الوفاة في الفئات عالية الخطورة.
الفئات الأكثر عرضة للخطر
- الأطفال دون 5 سنوات (وخاصة < سنتين) وكبار السن ≥ 65 سنة.
- الحوامل ومن بعد الولادة مباشرة.
- ذوو الأمراض المزمنة (القلب، الرئة، السكري، الكلى، الكبد، السمنة المفرطة).
- ضعيفو المناعة (العلاج الكيماوي، زراعة الأعضاء، HIV).
- العاملون الصحيون ومن يعيشون بدور الرعاية.
التشخيص
- التقييم السريري في الموسِم يكفي غالبًا للحالات الخفيفة.
- اختبارات سريعة للمستضد (نتيجة خلال دقائق) بدقة متوسطة.
- PCR الأدق لتحديد النوع/السلالة، يُستخدم في الحالات الشديدة أو في المستشفى.
- تصوير الصدر عند الاشتباه بمضاعفات رئوية.
العلاج
أولًا: العلاج الداعم
- راحة كافية وسوائل دافئة.
- خافضات حرارة ومسكنات (مثل الباراسيتامول).
- محاليل ملحية أنفية، ومرطّبات هواء.
تنبيه: المضادات الحيوية لا تعالج الفيروس؛ تُوصف فقط عند وجود عدوى بكتيرية ثانوية مؤكَّدة.
ثانيًا: مضادات الفيروسات
- أوسيلتاميفير (Tamiflu) فموي.
- زاناميفير (Relenza) استنشاقي.
- بالوكسافير (Xofluza) جرعة واحدة فموية.
تكون الفائدة القصوى عند البدء خلال 48 ساعة من الأعراض، وتُفضَّل للفئات عالية الخطورة أو الحالات المتوسطة–الشديدة.
الوقاية
- التطعيم السنوي ضد الإنفلونزا (قبل بداية الموسم).
- غسل اليدين بانتظام وتجنّب لمس الوجه.
- تغطية الفم والأنف بالمرفق أو منديل عند السعال/العطاس والتخلّص منه فورًا.
- تهوية الأماكن المغلقة وتنظيف الأسطح كثير اللمس.
- البقاء في المنزل عند المرض حتى 24 ساعة بعد زوال الحُمّى دون خافضات.
لقاح الإنفلونزا الموسمية
- يُحدَّث سنويًا بناءً على السلالات المتوقعة (ثلاثي أو رباعي التكافؤ).
- آمن لمعظم الفئات، ويُنصح به خصوصًا للفئات المعرّضة للخطر والعاملين الصحيين.
- قد يسبب آثارًا خفيفة مؤقتة: ألم موضعي، صداع خفيف، حرارة بسيطة.
نصائح مجتمعية وسلوكية
- خطط للعمل/المدرسة لتقليل العدوى (إجازات مرضية مرِنة، تعليم عن بُعد عند الفاشيات).
- التثقيف المستمر بأدب السعال والنظافة الشخصية.
- حماية كبار السن في المنازل ودور الرعاية بالتطعيم والحواجز الوقائية.
مصادر طبية موثوقة
- منظمة الصحة العالمية – الإنفلونزا الموسمية.
- مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC).
- Mayo Clinic – Influenza overview.
- الجمعية الأمريكية للأمراض المعدية (IDSA).
خاتمة
الإنفلونزا الموسمية ليست بسيطة دومًا. الوقاية بالتطعيم السنوي، والسلوكيات الصحية، والعلاج المبكر—خاصة لدى الفئات عالية الخطورة—هي مفاتيح تقليل المرض ومضاعفاته. احرصي على اللقاح سنويًا، وعلّمي من حولك آداب العطاس والسعال، وحافظي على بيئة منزلية ومدرسية وعملية آمنة.
تنبيه: هذا المقال للتثقيف الصحي ولا يغني عن استشارة الطبيب المختص.