متلازمة كوتار (متلازمة الجثة المتحركة)

مقال طبي شامل عن متلازمة كوتار (متلازمة الجثة المتحركة)، وهي اضطراب نفسي نادر يعتقد فيه المريض أنه ميت أو فاقد للأعضاء الداخلية تعرف على تاريخها.
متلازمة كوتار (متلازمة الجثة المتحركة)
متلازمة كوتار (متلازمة الجثة المتحركة)

متلازمة كوتار (متلازمة الجثة المتحركة)

مقدمة

في عالم الاضطرابات النفسية، هناك متلازمات نادرة تثير الدهشة لغرابة أعراضها وتحديها للفهم الطبي. واحدة من هذه الحالات هي متلازمة كوتار أو ما يُعرف شعبيًا بـ "متلازمة الجثة المتحركة". في هذه الحالة النادرة، يعيش المريض شعورًا وهميًا بأنه قد مات أو أن جسده خالٍ من الأعضاء الحيوية، بل قد يعتقد أن دمه قد جف أو أن قلبه توقف عن النبض. هذه التجربة الذهانية تُعتبر من أكثر الأوهام النفسية تطرفًا وتعقيدًا، وغالبًا ما ترتبط بالاكتئاب الشديد أو الفصام أو إصابات الدماغ.

ما هي متلازمة كوتار؟

متلازمة كوتار (Cotard’s Syndrome) هي اضطراب نفسي نادر للغاية تم وصفه لأول مرة في القرن التاسع عشر بواسطة الطبيب الفرنسي Jules Cotard عام 1880. أطلق عليها في البداية اسم "Delire de negation" أي "وهم الإنكار"، حيث كان المرضى يعبرون عن اعتقاد قوي بأنهم ماتوا بالفعل أو أنهم فقدوا أجزاء من أجسادهم.

لذلك تُعرف أيضًا باسم وهم كوتار (Cotard Delusion). ويُطلق عليها اسم "متلازمة الجثة المتحركة" لأن المصاب بها يسير ويتحرك لكنه مقتنع أنه ميت أو بلا روح.

الأعراض الرئيسية لمتلازمة كوتار

  • وهم الموت: شعور داخلي قوي بأن الشخص ميت بالفعل.
  • إنكار الأعضاء: اعتقاد بأن بعض الأعضاء الحيوية مثل القلب أو الدماغ قد توقفت عن العمل أو اختفت تمامًا.
  • فقدان الإحساس بالهوية: يشعر المريض بأنه بلا وجود أو بلا روح.
  • الاكتئاب الشديد: غالبًا ما تترافق المتلازمة مع أعراض اكتئابية قوية.
  • العزلة الاجتماعية: ينعزل المريض عن الآخرين معتقدًا أن وجوده بلا قيمة.
  • أفكار انتحارية: في بعض الحالات يرفض المريض الطعام أو الشراب لأنه يظن أن جسده لم يعد بحاجة إليها.

الأسباب المحتملة

رغم أن السبب الدقيق لمتلازمة كوتار غير معروف، إلا أن الدراسات تشير إلى ارتباطها بعدة عوامل، منها:

  • الاكتئاب الشديد (Major Depression)، خاصةً المصحوب بأعراض ذهانية.
  • الفصام (Schizophrenia) واضطرابات ذهانية أخرى.
  • إصابات الدماغ أو أورام المخ.
  • الأمراض العصبية التنكسية مثل الزهايمر أو الباركنسون.
  • الصرع واضطرابات عصبية أخرى.
  • إدمان المخدرات أو الكحول لفترات طويلة.

التشخيص

تشخيص متلازمة كوتار معقد وصعب بسبب ندرتها وتشابه أعراضها مع اضطرابات نفسية أخرى. يعتمد التشخيص على:

  • التقييم النفسي الشامل من قبل طبيب نفسي.
  • أخذ التاريخ المرضي الكامل وفحص وجود اضطرابات ذهانية أو اكتئابية.
  • إجراء فحوصات عصبية وتصوير دماغي لاستبعاد أسباب عضوية.

العلاج

لا يوجد بروتوكول علاج واحد معتمد عالميًا، لكن العلاج غالبًا يكون متعدد المحاور ويشمل:

1. العلاج الدوائي

  • مضادات الاكتئاب (SSRIs أو TCAs) في حال وجود اكتئاب شديد.
  • مضادات الذهان (Antipsychotics) للسيطرة على الأعراض الذهانية.
  • أدوية مهدئة أو مضادة للقلق في الحالات المصاحبة بقلق شديد.

2. العلاج بالصدمات الكهربائية (ECT)

أظهرت العديد من الدراسات أن العلاج بالصدمات الكهربائية (Electroconvulsive Therapy) يُعتبر من أنجح الأساليب لعلاج الحالات الشديدة من متلازمة كوتار، خاصةً حين يكون المريض في حالة اكتئاب ذهاني عميق.

3. العلاج النفسي

يُستخدم العلاج السلوكي المعرفي (CBT) لمساعدة المريض على إعادة بناء تصوراته عن ذاته والتغلب على الأوهام المرضية. كما يساعد الدعم الأسري والاجتماعي في تحسين فرص الشفاء.

المضاعفات المحتملة

  • رفض الطعام والشراب مما يؤدي إلى سوء تغذية وجفاف.
  • العزلة الاجتماعية الشديدة وفقدان الروابط الإنسانية.
  • زيادة خطر الانتحار بسبب الأوهام المستمرة بعدم جدوى الحياة.
  • تدهور الحالة النفسية إذا لم يُعالج المريض مبكرًا.

الخاتمة

متلازمة كوتار من الاضطرابات النفسية النادرة والمثيرة للجدل، حيث يعيش المريض تجربة قاسية من وهم الموت وفقدان الذات. ورغم غرابتها وصعوبتها، إلا أن العلاج ممكن إذا جرى التدخل مبكرًا باستخدام مزيج من الأدوية، العلاج بالصدمات الكهربائية، والعلاج النفسي. رفع الوعي بهذه المتلازمة يساعد الأطباء والأسر على التعرف عليها مبكرًا وإنقاذ حياة المريض.

المصادر

  • Mayo Clinic – Psychiatric Disorders
  • National Library of Medicine – Cotard’s Syndrome Research
  • Berrios GE, Luque R. (1995). Cotard’s Delusion or Syndrome? A Conceptual History.

لقراءة المزيد من المقالات اضغطي هنا

Kommentar veröffentlichen